اعترف أنى لم يكن يخطر ببالي أن تتدحرج الأنظمة العربية حتى تصل إلى قاع الهاوية السحيقة من عدم التوازن والترنح حتى تسقط وتتفكك بهذه السهولة , وتغرق سفينة التسلط والقمع وتهرب الفئران وتتبرأ ممن كانوا يمسكون الدفة ويقودوا الركب نحو الأفق الرحيب , تتملكني الدهشة كلما أدركت يقيناً آن قوة الحاكم وقهر السلطان لم يكن إلا كما كان سيدنا سليمان يتكئ على عصاه وهو ميتاً تخشاه قياصرة الجن وظل متكئاً على عصاه حتى أكلت "الأرضة" عصاه فسقط وعلم الجن بعد ذلك بموته ..عجبا عجاب !
كان الشباب صاحب القوة الناعمة هم من اسقط العصا وتساقطت مملكة النظم الظالمة وتهاوت بحناجر الشعب الغاضب الذي كان زئيراً ارق منام الحكومات التي ظننا أنها لن تنتهي وخلف كل قيصر يموت قيصر جديد ...ولكن آن لنا أن نحلم بعالم سعيد عالم لا يخاف بطش فردٍ اوجماعة مهما كثر عددهم وطال سلطانهم .
اعترف اننى كنت في غاية السعادة والفرح عندما رأيت النور الخافت الذي شق غياهب الليل البهيم وأضاء أرجاء الوطن الشاسع المترامي الذي بدأ يخفق من جديد وأصبحت دماء الشباب تسرى في عروقه بعد أن دب اليأس في أوصاله ورايته رأى العين جثة مسجاة على نعش الحرية لكنه سرعان ما استفاق,وشاهدته يدفن مشيعيه وينتفض كأنه أسد يزمجر ويسمع الورى من انس وجن .
اعترف بان للحرية ثمن تدفعه الأمة كلها شيباً وشبابا وتمهر بدمائها الأرض حتى ترتوي وتنتج جيلا يتربى على الحرية والقوة في الحق ومكارم الأخلاق , ولكن الخوف كل الخوف من أن تسلب مكاسب هؤلاء الثوار وتجير لحساب الطامعين والحادبين على ركوب موجة الشعب والاستفادة من عدم الاتزان وتخبط البعض لتجعل من نفسها لسان حال الثورة وسيدها وارتداء أقنعة الكفاح والأبوية الروحية لها.

(الوصول للقمة ليس صعبا ولكن المحافظة عليه هو الأصعب)
مقولة اسمعها دائما وهى تصلح أن تكون الحكمة التي نبدأ بها تأسيس موحد لبناء الدول والشعوب فعلينا المحافظة على النجاح الذي حقق ونبدأ في بناء دولة مستقرة والبعد عن النظرات الضيقة للمذاهب الطائفية كما هو الحال في مصر أو القبلية الحمقاء كماهو في ليبيا وتكون المواطنة على أساس ديمقراطي هو الأصل للتعامل في كل أنحاء الوطن الكبير .